الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المنصف بن مراد يكتب: ملحمة بنقردان والخيانات

نشر في  16 مارس 2016  (13:15)

لا جدال في أنّ ملحمة بن قردان مثلت منعرجا حاسما في حرب تونس على الارهابيين بمن في ذلك داعش، ولو أنّ هذا الانتصار استوجب أن يدفع أمنيون وجنود ومدنيون حياتهم من أجل أن تبقى تونس أرض الأسود والحريات والحداثة، وهنا لابدّ من التساؤل عن سبب رفض حكومة الترويكا ثم المجلس التشريعي الحالي سنّ قانون يضمن لكلّ عائلة شهيد عسكري أو أمني أو ديواني أو حرس 100.000 دينار على الأقل بعنوان تعويض ماليّ مع توفير مصاريف الدراسة لكلّ أبناء الشهداء.. لقد استغربت هذا الجحود  بل «الخيانة» عندما رفضت الأغلبية الساحقة من النواب الحاليين ادراج فصل في قانون مكافحة الارهاب يقضي بتمكين عائلات الشهداء من هذه الحقوق وكأنهم يستكثرونها عليها وهي التي فقدت «دمها» ومورد رزقها أي أولئك الرّجال البواسل وهم يخوضون معارك شرسة ضدّ عدو في منتهى  الظلامية والوحشية.. وربّما يمكن تفسير هذا الموقف المضحك المبكي إن لم أقل الإجرامي  بأن الجنود والحرس والأمنيين من أبناء الشعب الكريم والطبقة الشعبية في حين ينعم ابناء السياسيين والحكام بحياة ناعمة بعيدة عن المخاطر.. هذا دون التذكير ببعض مواقف النواب الغريبة في كل ما يتعلّق بالتشدّد الدّيني والارهاب..
أما الخلل الآخر فهو مرتبط «بخيانات» من نوع آخر تتمثل في أن تستدعي بعض القنوات الى بلاتوهاتها ارهابيين من تونس أو ليبيا او «سياسيين» منحازين للعنف والارهاب أو «حقوقيين» متعاطفين مع الارهاب وداعش بدعوى حماية حقوق الانسان.. ولو كانت لنا حكومة صارمة لفرضت على كل التلفزات والاذاعات والصحف والمواقع الالكترونية قرارا يقضي بعدم دعوة أيّ متشدّد،  ولو فعلت ما كان بعض المنشطين و«الاعلاميين» يشعرون بأنّهم محميون بالمال الفاسد أو بحزب يجنّبهم المثول أمام القضاء! وهكذا يساهم هذا الصنف من «الإعلاميين» في محاولة بث المواقف المتطرّفة، ولو انتصرت داعش ـ لا قدر الله ـ لأصبح هؤلاء وزراء ولهم مليارات كسبوها بالغش وبانخراطهم في خيانة البلاد وغدرها..
أما المسألة الخطيرة الثالثة فتتعلّق ببعض القضاة، خاصّة بعد ان اتهمتهم أرملتا الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي بالتقصير واخفاء بعض الوثائق «الحساسة».. كما تذمّر عدد من الأمنيين ممّا اعتبروه ميوعة بعض القضاة الذين يطلقون سراح عدد من الموقوفين بسهولة رغم ضلوعهم في قضايا ارهابيّة.. ولن أذيع سرّا اذا قلت للمرة الألف انّه لا يمكن محاربة الارهاب والحال انّ أقلية من القضاة المتخصّصين في ملفات الإرهاب يتصرّفون وكأنهم يتعاملون مع متهمي حقّ عام. وعوض حماية حقوق الوطن «يحمون» الارهابيين تحت غطاء حقوق الانسان، علما ان هناك «لوبي حقوقيّا» نافذا في مجلس الشعب وخارجه لا يدّخر أيّ جهد للدّفاع عن الارهابيين  والمتشدّدين.. انّ اطلاق سراح ايّ موقوف في قضايا ارهابيّة  وعدم تعميق البحث معه وكذلك عدم منح الأولويّة لأمن تونس تعتبر اخلالا فادحا لا يمكن السكوت عنه وذلك مهما كانت التعلات «الحقوقيّة» أو حتى القانونية.. اليوم وتونس في حالة حرب على الارهاب فهي بحاجة الى قضاء صارم يساهم في سحق الارهاب، وفي المقابل فهي ليست بحاجة الى قضاء محايد! ومع هذا يجب اركاع كبار البارونات والمهرّبين وفي هذا السياق فإنّ تونس أحوج ما تكون الى سياسة واضحة تؤدي الى محاسبة كل من يخترق حدودنا أو يتكتّم على معلومات عن مخازن الأسلحة والتهريب.. فإما يمدّ كبار المهرّبين السلطات المعنية بالمعلومات التي تساهم في القبض على الارهابيين والاّ وجبت محاكمتهم.
علينا أيضا اليوم ان نستعد للتصدّي لأي هجوم ارهابي على إحدى مدن الجنوب أو على مدن متاخمة للحدود أو حتى مدينة كبيرة حتى ننتصر على الارهابيين..
انّ تفتيش المخازن والمنازل المشبوه فيها والاهتمام بكل «أجنبي تونسي» يدخل حيا سكنيا أو مدينة، أمر ضروري مع اعداد مخطّطات استباقيّة ستكون المفتاح للتصدّي  لكلّ الأخطار المحتملة.
لقد برهن جنود تونس وحرسها وأمنها أنهم أسود لا يمكن هزمهم، كما برهن الشعب التونسي (ما عدا بعض الخونة والمتشدّدين) أن بلادنا ستكون مقبرة داعش ومجانينها وأنصارها! وعهدا ستنتصر على الارهابيين مهما كان قناعهم...